Tuesday, May 12, 2015

الوجه الاخر لسمير جعجع

تادي رشيد عواد – نافذة لبنان
يتعرض سمير جعجع لحملة اعلامية مستمرة بقصد تشويه صورته. بدأت منذ اكثر من 25 سنة وهي مستمرة حتى يومنا هذا. اتهامات كثيرة اطلقتها وتطلقها الماكينة الدعائية للمخابرات السورية وعملاءها. فمن هو سمير جعجع الذين يخافونه لهذه الدرجة، ولماذا يرعبهم ؟
صورة سمير جعجع وتاريخه ارتبط بصورة “المنطقة الشرقية” التي كانت صورة مصغرة ومُزدهرة، عن الجمهورية التي يتوق اليها. حيث برهن جعجع انه ليس قائد للقوات اللبنانية “العسكرية” فحسب بل انه قادر ايضا على بناء وادارة المؤسسات الاجتماعية، النقل، الطبابة وغيرها.
لقد بنى سمير جعجع خلال فترة قصيرة نسبيا (1986 – 1990) مؤسسات فاعلة داخل “المنطقة الشرقية”، لم تستطع الدولة اللبنانية تامينها لمواطنيها حتى يومنا هذا. فبدأ باعادة تنظيم المؤسسة العسكرية “القواتية”، من خلال مشروع اعادة التأهيل. وانشاء معاهد الضباط والرتباء، ليخلق مجموعة كوادر ورتب جعلت من “القوات” مجموعة عسكرية منظمة ومنضبطة. وانتقل الى خلق مؤسسات مدنية اخذت على عاتقها الاف الاشخاص، تتولى طبابتهم وتأمين الدواء والاستشفاء لهم، مشاريع سكنية، نقل مشترك، مؤسسات اجتماعية، مساعدات طبية واجتماعية استفاد منها مئات الآف العائلات، عمليات قلب مفتوح، مشاريع اقتصادية وتنموية، خلق فرص عمل، إنشاء مؤسسات إعلامية.
وهذه نماذج عن بعض المشاريع التي تم اطلاقها خلال سنوات (1988- 1989) في “المنطقة الشرقية” (1)
– أطلق مشروع التوأمة حيث تم توزيع مساعدات مادية تراوحت قيمتها بين 300 و 600 دولار اميركي لـ 2143 عائلة عن سنة كاملة تبنتها عائلات لبنانية في البرازيل فرنسا وانكلترا.
– تقديمات طبية يستفيد منها المصابون بامراض مزمنة (الكلي، القلب، الضغط، الربو، السكري، وداء النقطة) يبلغ عددهم 4393 مريضاً.
– تقديمات تربوية ( 32649 طالب) نسبة 60% من ثمن الكتاب المدرسي.
– مشروع النقل العام، انطلق في البداية بهدف تأمين النقل العام على الخط الساحلي (البربارة-المتحف) برسوم رمزية، وتوسع ليشمل عدد من المناطق الاخرى.
– تأمين كامل تكاليف عمليات جراحة القلب المفتوح (حتى لمرضى من خارج المنطقة الشرقية).
سنة 1989 حقق سمير جعجع خطوة كبيرة في اتجاه ظبط موازنة “القوات” بحيث اصبحت أكثر توازناً واستجابة لمتطلبات المجتمع. فبعد ان كانت الموازنة العسكرية حوالي 70 في المئة من اموال صندوق “القوات”، تم تقليصها الى 35 في المئة، وخصَص 30 في المئة للشأن الاجتماعي، و10 في المئة للديبلوماسية الخارجية و8 في المئة للاعلام.
ولعل أفضل وصف دقيق لأوضاع “المنطقة الشرقية” آنذاك، تجده في مقالة للصحافي شارل ايوب في افتتاحية جريدة الديار ليوم 14 حزيران 1988، اي في اوّج الحرب اللبنانية، حين قال: … إن ما هو حاصل في “المنطقة الشرقية” جديرٌ بالإهتمام، والفضل في ذلك يعود الى “القوات اللبنانية”، وبالذات لقائدها سمير جعجع. إنه هو من خلق هذه الأجواء الديموقراطية، إنه هو من أنشأ المؤسسات الإجتماعية لتخدم الإنسان…إن تُهم الحرب لا تنتهي، فهل يعلم الجميع ان فنادق المنطقة الشرقية محجوزةٌ غُرفها في مناطق الإصطياف والساحل، حتى اواخر ايلول، من اكثريةٍ إسلامية آتية من المناطق الغربية…..
هذه هي صورة سمير جعجع الحقيقية التي يحرص “اعلام الممانعة” على تشويهها . وتبقى الاجابة على الاسئلة التالية: لماذا كل هذا الحقد ؟ لماذا يخافون سمير جعجع لهذه الدرجة ؟
يخافون من تكرار تجربة بشير الجميّل الذي استطاع في عشرين يوماً فقط، ان يبني نواة دولةٍ حقيقية، قبل ان تنال منه اليد الاجرام التي تتحكّم بمصير لبنان ، والتي جعلت من هذا الوطن دولةً فاشلة.
يخافون ابن “البيت المتواضع” من ان يخرب اقطاعياتهم السياسية ، التي بنوها من دماء واموال الشعب اللبناني. يخافون المقاوم الصلب الذي عجزوا عن تحطيمه خلال 11 سنة من السجن.
ولعل من ابرز ما يخافونه في سمير جعجع هو فكره المؤسساتي ، وقدرته على بناء المؤسسات وادارتها.
فالمؤسسة التي بناها سمير جعجع، والتي سطرت اروع ملاحم الصمود والبطولة في ايام الحرب، تظهر قدرتها على انماء المناطق واعادت الامل بلبنان وبدوره ايام السلم.
وابسط مثال على ذلك، المشاريع التنموية التي تديرها النائب ستريدا جعجع، والتي استطاعت بعزم منقطع النظير، من ردم هوة واسعة من الحرمان، الذي عاشه قضاء بشري خلال فترة 50 عاما، بسبب الاحتلال السوري من جهة والاقطاع السياسي من جهة اخرى.